PNGHunt-com-2

مجيدون ومبدعون :الناقد العراقي كريم القاسم

(( أخي القاريء الكريم : لستَ مُجبَراً على التعليق . إقرأ فقط .. الغاية هي تعميم الفائدة .. إحترامي وتقديري))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( مُجيدون و مُبدعون )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباحث في المسيرة الشعرية العربية يجد ان المجيدين في الشعر دوماً هم القلّة القليلة والزُبدة الحصيلة.
ففي الوقت الذي تزاحمت فيه اكتاف الشعراء في عصرنا الحالي، لم يبزغ منهم الا الصفوة الذين نقرأ لهم في مناهجنا الدراسية ونتناقل قصائدهم في النوادي والمحافل والتجمعات.
وكذلك كان الحال سابقاً، فأصحاب المعلقات هم مَن أفرزتهم ذائقة وحِس الشاعر المُرهَف إبان عصر (كاد الكلام فيه أن يكون شعرا) فكانوا سبعة شعراء والبعض قال انهم عشرة.
ولنُبَيّن مايأتي على سبيل المثال لا الحصر :

في العصر الاموي كان المبدعون شعراً هم القِلّة القليلة رغم الضخ الشعري المتنوع آنذاك ، لكن الساحة لم تفرز إلا الفرزدق وجرير والاخطل وجميل وكُثَيّر ، وإمتدَّ تأثير هؤلاء حتى العصر العباسي.

وفي القرن التاسع الميلادي كان المجيدون من الشعراء هم ابن الرومي والبحتري وابوتمام ، والمتنبي وابن برد .
وفي القرن العاشر والحادي عشر كان المجيدون باعتراف اهل الصنعة هم مهيار الديلمي والشريف الرضي والمعرّي .
وهكذا نجد الفرز والتصنيف والتفرّد مُفعَّلاً في كل زمان .
فكم مِن شاعرٍ كتبَ في شعر التفعيلة في عصرنا الحالي.
وكم من الصحف والمجلات والمنتديات قد فاضت بقصائد التفعيلة من المحيط الى الخليج وفي دار الغربة والاغتراب، لكن المجيدين والمبدعين الذين افرزتهم الساحة هم الصفوة والقلّة وهم العصير ، كالسياب ونازك الملائكة وخليل الحاوي والبياتي وغيرهم ممن لايتجاوزون الثمانية وإن إزدادوا فلن يتجاوزوا العشرة.
وكذلك شعراء قصيدة العمود في عصرنا الحالي فلا يكاد المبدعون أن يتجاوزوا ذات العدد في قصيدة التفعلية، فكان الجواهري حاضراً بثبات، وشوقي ، وابو ريشة، وبشارة الخوري والبردوني ومحمد المجذوب وسليمان العيسى  ، ثم تلاهم مرتبة احمد الصافي النجفي وسعيد عقل والياس ابو شبكة وعبد السلام عيون السود والقرنفلي وعبدالواحد وغيرهم من الصفوة.
ولو تفحصّنا اكثر في العَرَصة الادبية الرومانسية العربية لوجدنا المجيدين هم القلّة ايضا.
فمَن لايعرف ابراهيم ناجي او الشابي او علي محمود طه او كاظم جواد؟
وهذا الحال لايختلف عن حال الادب الغربي ، فرغم زحمة النشر في فرنسا والثورة الثقافية والإرث الادبي إلا ان بلابلهم لاتغرد إلا بـ(بوودلير) أو (أراجون) أو (رامبو)

وفي الادب الروائي الروسي نجد مثلا (تولستوي) و(جوجول) و(دستوفسكي) هم أوسمة الادب واركان نهضتهم الادبية، بل وعنوانها بلا منازع .
اذاً ليس كلّ مَن أجاد بقصيدة او قصيدتين نقول عنه مُجيداً او مبدعاً.

وقد يتسائل البعض عن المازني مثلاً او جبران خليل جبران ، ألم يكونا علمين بارزين في الادب العربي؟
الجواب : نعم .
لكنهما لم يكملا شوط الابداع الشعري، بل اختار كل منهما مايناسب طبعه التأليفي .
فنجد جبران قد توقف شعراً ، وأبحر في القصة الطويلة والنقد الادبي.
والمازني هو الاخر توقف شعراً وانصرف الى الكتابة .

وواهمٌ مَن يتصور بأن الريادة الشعرية هي تأبّط ألقابٍ ومسمّيات يغدقها عليهم مَن لايفقه بالشعر والادب او يطلقها عليهم اصحاب المنتديات.
ومتوهم مَن رقص مع قصيدة او قصيدتين او حتى ثلاث بأنه قد صار من اصحاب المعلقات الحادي عشر .
إنما - ايها الاخوة الشعراء - المكافحة والجد والمثابرة والطبع والذائقة والموهبة والدرس ، هي مفعّلات الابداع والابتكار.
فهذا جرير يقول:

( إني كافحتُ ثمانين شاعراً ، فظهرتُ عليهم جميعا)
فلم نسمع للثمانين صوتاً إلا للأخطل والفرزدق.
فأين نحن مِن هكذا فحولة وهكذا ابداع وهكذا إجادة؟

• والى بيانات قادمة بعون الله تعالى.

• احترامي وتقديري.

(كريم القاسم)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي