PNGHunt-com-2

بالإنتظار : للشاعر غازي احمدابوطبيخ ورؤية للأديبة دنيا حبيب عنها المصرية

بالإنتظار

إيهٍ
إيهٍ
يا غزالةَ مُحيِ الدينِ
أيتها المغمورةُ
تحت غمامِ الريبةِ
ودخانِ الردى
يا طفلة الحقيقةِ
الموغلة في الاحزان الكبرى
والممنوعة من البوح جهاراً
مهما ضجُّت مراجلِ الحنين
من حولكِ
لا تستغربي
هذا قاعِ البحرِ!!..

أعلمُ انّ الحَومانَ  وحده لايكفي
أعلمُ انّ الإقتراب يعني الإحتراق
"وانى لهمُ التناوشُ من بعيدٍ"
لا اعتراض على رقصات الفراش
فدعيه يحوم كما يشتهي
انه ثياب النور
نجوم الحبور
رقصة المذهول
إنهم حتى يحينُ الحينُ
" في حيرةٍ ودهَشٍ"
شئ من عبقِ الأنسِ
واطيافِ السرورِ

بينا أشهدُ
في كلِّ صباحٍ
خلال الضبابِ
شمساً من اللازوردِ
بينَ أضلاعِكِ
بحجمِ قمركِْ

وآه
لولا زيتُ الروحِ
لما تحقق الوجودُ
ولما نزّتِِ الجروحُ القديمةُ

يالها من طماحٍ أليمةٍ
مكتومةِ الجموحِِ
مثل خواتيمِ الفتوحِ
وآهٍ
كم تمنيتُ
أن أُقبِّلَ  اتونَها المخنوقََ
بشفاهِ الكلماتِ
علّني اراها قصيدةً
من الماسِ
تمشي على الارضِِ
مثلَ حمامةٍ كاظميةٍ
شفيفةِ الترحالِ
دفينةِ الجمالِ

هل تذكرينَ
أولِ همسةِ ليلٍ ناطقةٍ
بالهوى
والتراجعِ
والإقبالِ
لم تغبْ صورُتُكِ
خطواتُكِ
ألوانُ الأرديةِ
مقاساتها
مواضعها من بدنِكْ!!
حتى وقوفك
مثلَ شمعةٍ
ذاتِ عذوقٍ مضيئةٍ
قبالةَ المرآةِ
في آخر معبدٍ للسراةِ

أكثرُ بياضاً من قلوبِ الأملاكِ
هو قلبُكِ
أكثرُ ضراوةً من عروسِِ الفهدِِ
ليلةَ اللقاءِ المميتِ
هو حذرُكِ المباغتُ
المدهشُ
كيف انسى لذةَ الحلول
حدَّ الغيابِ الجميلِ

مرةً بكيتُ
تراصفاً مع غربتِكِ
بحثِكِ عن الانسانِ
في كلِّ الاتجاهاتِ
تطلعُك نحو مستقبلٍ
لايراهُ احدٌ
محاولاتُك لايجادِ سياقٍ جديدٍ
وفقَ نسقٍ غير مطروق
يا لَرحلةُ اللؤلوةِِ
في بطنِ المحارةٍ
في أعماقِ البحرِ
يالَ اسفارُ العذراءِ
داخلَ الشرنقةِ
يا لَهذا الفضاءُ الازرقُ
يا لَمكتومُهُ المُخَصّبُ
بطيورِ القلقِ الحبيسِ
يا لَاسرارُ
الفِ شهرزادٍ
وألفِ شهريارٍ
متخفٍّ وراءَ الستارِ

حتى آنَ اوانُكِ
وبانَ
في أفقِ الرؤيا صولجانُكِ
(يا أختَ هرون)،
(والقلمِ ومايسطرون)
(ما كانََ أبوكِِ… )
ضالعاً بالخفايا
(ولا كانت أمُّكِ ) عشتروتَ

إنزلي برآسي ياسيدةَ الأبراجِ
يا زهرةَ المعراجِ
من جهةِ الحالِ
الى جهةِ الجمالِ
في خاتمةِ المآلِ
فما عادَ( في القوسِ منزعٌ)
والبحتريُّ مقنّعٌ كبيرٌ
والجواهريُّ باسلٌ خطيرٌ

قولي
كيف يجمعُ بشريٌّ
بين البركانِ والسكينةِ
هذا امرٌ
يقربُ من الإعجازِ
لا درايةَ لي بهِ
من قبلُ
ولا طاقةَ لي عليهِ
من بعدُ

وها أنا ذا
في سعيرِ التمنّي
بالإنتظارِ
قبلةٌ واحدةٌ
وسوفَ أغنّي……. !!
      غازي ابوطبيخ
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
قراءات عاجلة:
1.
الموسوي في رحاب  ديوجينيس عبر قصيدة " بالإنتظار"
بقلم 
الأديبة دنيا حبيب - مصر-

من أول الفلاسفة والمفكرين والمتأملين إلى أبسط إنسان يعيش على هذه الأرض، جميعهم يبحثون عن هدف أسمى أو غاية عظمى أو سبب منطقي ومقنع يجعل من عيشهم هذا ذا جدوى وقيمة حقيقية، وما إن يصلوا لهذه الدرجة من الإحساس المجدي فهم إذن في طريقهم للتقدم والتطور بدءًا من ذواتهم ومن ثم إلى تطوير مجتمعاتهم وعالمهم .
إذن نحن جميعنا كما لو كنا في سفينة نوح.ع. -من كل المخلوقات- نود أن ننجوا من خلال معرفة سبب وجودنا والشعور بالغاية التي خلقنا من أجلها. وإن كان ولا بد، فالشاعر قبل أن نصفه بهذا اللقب، فهو في أول الأمر وآخره إنسان، وكذلك هو باحث عن اعتبار وهدف، وما إن يتمكن من تنمية موهبته الشعرية،فسرعان ما يتخذ من شعره وسيلة بحث عن الغاية من الوجود فلقد تعلمنا قديماً ان الادب والشعر منه طريق من طرق المعرفة
. وهذا ما نظنه في نص الشاعر الموسوي. لكن ما هدف الشاعر الذي يبحث عنه هنا وما هي القيمة الاعتبارية داخل هذا العالم؟!
هنا يمكننا أن ننتقل بمقدار بسيط عما ذكرناه سابقا، لأن شاعرنا كما يبدو لي مختلف قليلا في رحلة بحثه، فنصه لا يمثل إنسانا يبحث عن هدف ما أو قيمة ما فحسب، وإنما يمثل إنسانا يبحث عن (الإنسان) ذاته،فيذكرنا هذا البحث برحلة الفيلسوف الاغريقي ديوجينيس الفكرية، فالغاية التي يأمل الوصول اليها هي (الإنسان) أيضا!.
فهذا النص عبارة عن انسان يبحث عن الإنسان بمفهومه النوراني الإشراقي، فقبل أن تبحث بذاتك عن هدف وقيمة وجودك، لا بد أن تبحث أولا عن نفسك وكينونتك. فالشاعر يبحث عن ذاته وعن ذات الإنسان كونه إنسانا.. وها هو في "الانتظــــــار" ... في انتظار تخليق هذا الإنسان المنشود لانه في تصوري الهدف الأسمى.
  وهنا نجد الشاعر بين ثلاث رؤى:
فإما أن يجعل نتيجة التخليق هذه إنسان ذكراً، أو أنثى أو يجعله إنسانا في المطلق بغض النظر عن التجنيس...
وقد كان الاختيار الثاني هو النتيجة كما اعتقد،لأننا نرى أن في هذا هدف وغاية أيضا. فالأنثى في تاريخها القديم والحديث وحتى في تاريخها الأسطوري لطالما كانت رمزا تعبيرياً لمعاني الحب والحنان والرقة والخير والجمال... فإن كانت عملية التخليق هذه ناتجها الانسان ألانثى فهذا يعكس مراد الشاعر من تحويل الجزء إلى الكل... لا البشر إلى إناث.. وإنما صفات الأنثى بكل ما تحويه من جمال إلى البشر جميعا. ومن بين السطور قد يعكس هذا الاختيار رؤية الشاعر الاجتماعية والذاتية للأنثى، وهي لا شك في كونها رؤية متحضرة وسامية كسمو الهدف.
أما عني، فأنا أيضا بالمثل لي غاية وهدف من هذا النص.. ويتمثل هدفي في أربع زوايا نظر قد أحاطت النص، أولهم  كانت رؤية الشاعر للإنسان النوراني من خلال الأنثى وهذا ما تحدثنا عنه قبل سطرين وأعتبرها زاويتي العاطفية في النص، فكل ما أتى في النص من عاطفة تشبيهية أو تصويرية فما هي سوى انعكاس للزاوية الأصل...
أما باقي الزوايا الثلاث فهي زواياي المتطبعة بالعلمية لا الوجدانية وتتمثل في:
1* التسلسل الشعري الحكائي
2* التطعيم "النثرشعري"
3* التطعيم "الشعرتاريخي"

1- التسلسل الشعري الحكائي:
بداية وإن كنا وصفنا بحثنا هذا بــ "الرحلة" إذن فنحن أمام مراحل عدة، فالتهيئة للرحلة مرحلة، وشق الطريق مرحلة، والسير في الطريق مرحلة، والوصول مرحلة! وفي قراءة متأنية للنص، سرعان ما نلاحظ تمرحل وتسلسل النص، وكأنه فصول رواية، تحكي وتسرد أحداث هذه الرحلة. يبدأ النص نفسه بكلمة تفيد وتغذي روح الحكاية والسرد، فيستهل الشاعر نصه بـــ "إيهٍ" والتي في معناها المعجمي قد تعني "استزادة من حديث أو عمل" وكأنه يستحث نفسه، أو يستحث أحداً أمامه لبدء الحكاية من نقطة البداية.
"إيهٍ
إيهٍ
يا غزالةَ محيِ الدينِ"
ومن ثم تبدأ  الحكاية فصلا تلو فصل تلو فصل... وقبل الختام يشير الشاعر لكون النص حكاية مليئة بالأسرار والمغامرات يقول:
"يا لَاسرارُ
الفِ شهرزادٍ
وألفِ شهريارٍ"
وما بين بداية رحلة الغزالة وتكوينها، إلى قبلة الخاتمة والولادة... تكمن تفاصيل عملية التخليق.. وهي طبعا ليست بالأمر الهين، وليست عملية سهلة ويسيرة، لا على الشاعر الذي يصفها ولا على الموصوف.  وهذا ما جعل النص يستطيل دون تكرار ولا ملل ولا تشابه في الأحداث والمشاعر، وإنما كانت استطالة "متصاعدة" وممتلئة بمشاعر مختلطة، الألم والفرح.. الإشراق والظلمة.. الخوف والشجاعة.. الحب والحذر من الحب.. وهذا ما يحدث وما يمر به الإنسان من صراع داخلي وخارجي من أول ولادته إلى أن يتم الله عليه نوره.. ويمكننا أن نرى هذا في مقطوعات النص:
"أيتها المغمورةُ
تحت غمامِ الربيئةِ"
"شئ من عبقِ الأنسِ
واطيافِ السرورِ"
"لولا زيتُ الروحِ
لما تحقق الوجودُ
ولما نزّتِِ الجروحُ القديمةُ"
"هل تذكرينَ
اولِ همسةِ ليلٍ ناطقةٍ
بالهوى
والتراجعِ
والإقبالِ "
"أكثرُ بياضاً من قلوبِ الأملاكِ
هو قلبُكِ
أكثرُ ضراوةً من عروسِِ الفهدِِ"
"كيف يجمعُ بشريٌّ
بين البركانِ والسكينةِ"

2- التطعيم النثرشعري:
وقبل الخوض في شرح هذه الزاوية، علي أن أفسر أولا مفهوم التطعيم الذي قصدته من هذا العنوان الجانبي.. وهو مفهوم مأخوذ من عملية يقوم بها الزراع والنباتيون، فهم يأتون بجزء من نبات معين ثم يطعمونه على نبات آخر  -أي يجعلون نباتا يتغذى على آخر- وفي النهاية تكون الثمار من "النبات الطعم" ... وهذا ما أراه في النص، فبفرض أن النثر هو نباته الذي يريد أن تطرح ثماره، إذن فالشعر هو النبات الذي يغذي عليه نثريته... وفي النهاية تكون النتيجة نثرية، وإنما نثرية قد تغذت على الشعر، وهكذا يتجلى لنا جلاء الشمس في الظهيرة، فمن حيث التشبيهات فحدث ولا حرج، وكذلك من حيث الإيقاع الداخلي والتقطيع الصوتي، ولولا هذا التطعيم "النثرشعري" لما استطاع النص أن يكون له هذا النفس الطويل، وهذه الروح السلسة المسترسلة، دون قضم أو قطع مفاجئ.

3- التطعيم الشعرتاريخي:
لن أعيد الشرح مرة أخرى في فكرة التطعيم هذه، وإنما سأطبقها للمرة الثانية على النص، فهو وللمرة الثانية يغذي نثريته على التاريخ، فنجد في النص تشبيها له علاقة بحادثة مشهورة، أو باقتباس من القرآن.. ولعل هذا في إجماله أفاد غاية الشاعر في كون عملية التخليق الإنساني موجودة منذ البدء، فهي ليست لها علاقة بالحاضر فقط أو بالمستقبل فقط، وإنما هي عملية وجدت مع وجود الخلق، وستلازمه إلى أن يشاء الله.
وأخيرا وليس آخراً، فقد أنهيت أهدافي من النص، ويمكنني القول أنني قد وجدت القيمة التي أبحث عنها وغايتي من النص، فالنص إجمالا ذو هدف إنساني كوني نبيل بشكل عام ،أما تخصيصاً فهو ذو هدف أدبي شاعري ثمين... وقيمته يمكننا الحصول عليها إن تتبعنا أهدافه المعنوية والمادية كما ذكرناها خلال هذه القراءة الموجزة..تقديري..
                          
  2.                        
رؤية أخرى لقصيدة "بالإنتظار"بقلم الأديبة وفاء كمال - الشام-

حين تهتز خاصرة اللغة ,وتتراقص المخيلة ,فاعلم أنك أمام نص للناقد والشاعر غازي الموسوي . الذي عرفتَه ناقداً فذاً يلامس النصوص ببراعة على تنوعها ,ويدفع بالكاتب والمتلقي لإعادة النظر بالنص وقراءته بوعي جديد .. فهو ناقد متخصص , لكنه لاينفصل عن مجالات الإبداع الأخرى . فباكتشافه لمواطن الجمال في النصوص الأدبية , يؤكد على امتلاك تلك الملكة الإبداعية ..ففاقد الشيء لايعطيه . لذا لايمكنني أبداً أن استغرب وانا اراه يخوض في مسارب أخرى توصله إلى إنتاج قصائد غاية في الروعة والجمال ..
فلو تأملنا نصه في الإنتظار ..نشعر ان الموسوي في حالة من الإبداع والتجلي والترقب والانفعال . ..فالانتظار رفيق صعب المراس ’مثير للأعصاب ,وخصوصاً إذا كان بانتظار غزالة شاردة من الفردوس تشبه غزالة  "  محي الدين بن عربي " .حيث يمني " الموسوي " نفسه في قضاء ليله معها كما فعلت غزالة محي الدين . ولكن أنَّى له ذلك , وتلك الغزالة تقف في الأعالي حذرة .تستطلع المكان .بينما زخات الردى وأعين الذئاب تترصدها .ومن المؤسف ان كائناً جميلاً كهذه الغزالة والتي ربما هي معشوقته او قصيدته التي تتجلى كآية عشق .لاتستطيع إنقاذ نفسها . مما يجعلها حزينة لاتتمكن من الاقتراب نحو معشوقها مهما هاج حنينها .لأنها ستكون فريسة سهلة للحيوانات المفترسة .أو الصيادين لذا تكتفي بالحومان حوله .وقد فاضت مهجتها  حزناً .لأن الإقتراب يعني وقوعها فريسة سهلة.
الموسوي في تلك القصيدة يفتح امامنا الأفق واسعا للتأمل والاستقصاء .حين نتيه بين معشوقة من لحم ودم وبين قصيدة من أبجدية خارجة من عرس اللغة بكامل أناقتها وزينتها ومصاغها كعروس مبرقعة في ليلة زفافها .كاملة الأوصاف والزينة
فكيف لغزالة محي الدين التي باتت ليلها معانقة له أن تكتفي اليوم برقصات الفراش حول النور . فالفراشة التي تعشق الاحتراق عمرها قصير . وفي قصيدة الموسوي تصبح ثياباً للنور.لأنها ممسوحة بزيت الروح المقدس
وأي زيت ذلك ؟  أوليس كل من يُمسح به يتقدس ؟
قصيدة الموسوي هذه تجعلنا نعيش فضاء روحانياً . وجدانياً حيث ينبع النفس الإلهي من بين الكلمات , ليضيء دهليزاً  موغلاً في الكشف الجريء عن جذور تلك الغزالة . وهو يحلق في رؤاه مستجمعاً الجروح القديمة حيث يدور شريط الذاكرة ويتوقف عند اول الهمسات والخطوات. فيستجمع كل الألوان والأشكال .والمقاسات يولد آدم من جديد ليعيد التصادم مع حوائه ( الفصيدة ) بخياله المتمرد  وهنا تتجلى غربة الموسوي .في غرفة هذا العالم الأزرق . حيث يختلف عمَّأ سواه بكونه خارجاً عن المألوف ..يبحث عن مكان لسيدة الأبراج كي تهبط في رأسه
فقد بلغ السيل الزبى
وماعاد ( في القوس منزع )عبارات ذات  دلالات ابداعية . فصورة المعشوقة ترافقه في الحل والترحال .مضيئة منتصبة شهية متغربة غامضة كلؤلؤة في محارة يفرزها الألم.
كفراشة عذراء تتوق لتمزيق خيوط الحرير لتنطلق من شرنقتها .لكن شهريار يرفع سيفه كل صباح وشهرزاد تحكي قصصها لينام .صور متعددة تبدو مألوفة لأول وهلة لكنها تنقلنا في الحال من المباشرة إلى توصيف مشاهد تجمع بين المتناقضات . ويتجلى الطباق بأبهى حلله بين البركان والسكينة .اللذان يعيشهما الشاعر قبل انفجار صمام االقصيدة لديه .لتومض إشراقاته وترتسم وتتحول حدوسه الباطنية إلى الإعلان عن حاجته للثم ثغر اللغة التي هي روح تسري في مخلوقته .لتكون قبلتها قبلة الحياة وجسر تفاهم أبدي .
                                             
3.                
   قراءة                   الاديب Jassim Alsalman
- العراق-

( اخي القدوة وعراب الزمن الجميل ابا النعمان غازي احمد ابوطبيخ الموسوي)..
بمثل هذا النص الراعف بددتَ وحشة الصمت بصرخة مذبوح وزخمك الوجدان وشمسك الحنان..نكهتك كانت نهرا يرتل أحزاننا الجليلة لنعيش أملا جميلا وزمنا شكسبيريا بعد ان كان يحاصرنا الجليد والمكان البخيل واراجيف الغربة التي تخلع القلب..نعم يا توأم الروح لقد صدقتَ بقولك:
لولا زيتُ الروحِ
لما تحقّقَ الوجود..
لقد كنا نحن تلاميذ وعشرات من المغيبين الاحرار، وكنت انت تلبسنا وجه نبي وتشحن الأجواء نخبويا وفنيا وأنفعاليا.. أجواءٌ تحوّلتْ فيها عيناك الى نجمتين ترسخان الأمل بالحياة  وتحولان ظلمة الدهاليز الى نهار ، والمحو المعطوب الى كأس من برد وسلام، ايها الملك التعبيريُّ.. كيف تزهو النصوص وانت غائب عنها ؟..
"مرةً بكيتُ
تراصفاً مع غربتِك
بحثِك عن الانسانِ
في كلِّ الاتجاهاتِ
تطلعُك نحو مستقبلٍ
لايراهُ احدٌ
محاولاتُك لايجادِ سياقٍ جديدٍ
وفقَ نسقٍ غير مطروقٍ
يا لَرحلةُ اللؤلوةِِ
في بطنِ المحارةٍ"
كنت ترصع اجسادها بالالوان والخطوط والرؤى..تتفسح معها في قراءات خصبة ومتعددة وتبعدها من وخز الأسئلة المسننة كالمشارط..وتحفر بعمق مواطنها بقلم رصاص لا يُرى بالعينِ المجرّدة!!
كنت ومازلت مع شرف المهمة تستدعي لفعل اليقظة رموزا عزيزة في عمق وجوانية الوجدان، يحف بك نداء درويشي مشبوب بحمم الوجد والوجود ويقين الأيمان..تكسر الحاجز الذي يتحصن خلفه أصحاب الوجوه الصفر بدون علة بداعي التفاوت والجلوس على وسادة الأنا والحلم الكاذب الساكن فيهم..
"علمُ انّ الحَومانَ  وحده لايكفي
بل اعلمُ ان الإقتراب يعني الإحتراق
"وانى لهمُ التناوشُ من بعيدٍ""
دعنا نعود اليك ونتحد بك ونلمع نياشينك التي تستحقها بجدارة قوتك وأبداعك وخضرتك الدائمة..خصب وعطاء مع كثافة الأحداث في عالم غرائبي عجائبي يصعبُ وصفه.. ولاأظنك تعود برجوازيا صغيرا باحثا عن ملذاته أو متصوفاً تضطرب فيك ومنك روح الفرد ؟!.. فالنخل ليس بعيدا عنك ولازلت مغتربا كآخر الأنهار وحزنك النبيل شرطيٌّ واقفٌ في منحنيات لياليك..ولكنك تختصر الألوان وتهبط من وجه الشمس عطرا فواحا لا يبخل أن يمنحنا الورد في مناخات الردى،..علمتنا التنفس البديل عندما نختنق وتستهلكنا احباطاتنا النفسية وتفاصيل وديكورات المدنية الفاشية واستبطاننا بحالة الوحشة الروحية وأختلاجاتها النفسية لتتقاطر مع فورانها عورات الحياة..
"انهم حتى يحينُ الحينُ
" في حيرةٍ ودهَشٍ"
شئ من عبقِ الأنسِ
واطيافِ السرورِ
بينا أشهدُ
في كلِّ صباحٍ
خلال الضبابِ
شمساً من اللازوردِ
بينَ أضلاعِكِ
بحجمِ قمركِْ"

نحن رواد الحانات الموتى الأحياء عظامنا الطرية لاتصلح كعوبا لمجندات الغزو التتري لكنها تصلح بانوراما صدفية تعكس لمعة سيقان أفخاذ راقصات الباليه والرقص فنون في دهاليز الليالي الكثيفة حتى يتنفسن الأشواق ويملن على الأجساد حقول بكاء..نعم يا صديقي:
" فالبحتريُّ مقنعٌ كبير"
حين قال :
" صنت نفسي عمّا يدنّسُ نفسي
وترفّعْتُ عن قذى كل رجسِ"
" والجواهريُّ باسلٌ خطيرٌ حين قال:

"كذبَ  البحتريُّ  إذْ  قالَ أمسِ
صنْتُ نفسي عمّا  يُدنّسُ نفسي

لنْ  تُغطّي  ولو   بمليونِ  عرسِِ
دنسُ  النّفسِ حلّّةٌ  من  دِمَقْسِ"

اذْ ينزلق الدبق الملتف كالوحل معانقا خيباتنا ظمئا نحن لطعنات الغدر.. دماءنا أنهار زيت تسقي خطوط النار الأولى. فلعل لنا  من الفرح غداً مأمولاً في عوالم الغيب البعيد ؟
وانت يارطب أبي الخصيب وبرتقال الجنائن وملح الفاو وثروة المدينة..يانكهة القهوة والنبيذ واشراق القصيد تألق وأملأ فراغاتنا في الفضاء...
تحياتي وأنت في الأمان دائما!!!!
وبعيدا عن كل اطالة يمكن القول ان الأبحار في عوالم الرؤيا المطلقة ومن ضفاف قلب ملتاع فجّر الجرح قيثاراً، ولم تصمد أوتاره، وتبقى ذكرى ملكية في مملكة التعبير الشعري، وهكذا تقودنا ابصارنا وأفئدتنا وأسماعنا نحو المرحلة السيزيفية القريبة بعبثية الفعل الخلاق:

" كيف يجمعُ بشريٌّ
بين البركانِ والسكينةِ
هذا امرٌ
يقربُ من الإعجازِ
لا درايةَ لي بهِ
من قبلُ
ولا طاقةَ لي عليهِ
من بعدُ"

وها انا ارى وأشاهد ان مايقوم به المبدع الموسوي وهو يرحم قلبه المفجوع ويفتح نافذة على العالم ويمنح قصيدته قدرة ايقاعية تصويرية أخاذة تعتمد على لقطات سريعة.. وبالتداعي الذهني الحر ترص وتصف وترصف هذا الأبداع في تشكيلاته وسرعته الفائقة ..وهو تصوير بليغ يطل الشاعر من خلاله على مرأة حبيبه محيي الدين، حيث يتقمص عالمه الأنساني الوجودي المشحون بعالم الذكريات الجريحة والدعوة الى أطلاق الاسر القابع في الأعماق والخروج الى فضاء الحرية والصعود الى الرؤى الأسطورية في تفسير الاعماق والوجود بتجربة قراءة تلك الأعماق حتى تصل الى الدم والدم سوّرة الحركة والتمرد وفورة الذات المنفعلة والفاعلة والتي لطالما بحثت عن نار الحب..
"
إنزلي برآسي ياسيدةَ الأبراجِ
يا زهرةَ المعراجِ
من جهةِ الحالِ
الى جهةِ الجمالِ
في خاتمةِ المآلِ"

.والآن ونحن في شرود لزمن مضئ ونبوءة لمجئ العوالم التي بلاحدود، حتى يكون الشاعر خادماً مطيعاً يمشي على الجمر على وفق ماتريد ارادته المتعطشة للحياة لتصير الكلمات كواكب تتطلع للوجود ويكبر الحلم في مجلس بارق مأخوذ من نبع الشمس ومغروس في القلب..
ولاأستطيع ان جازف اكثر وان اسهب وأكون دون المستوى في ظلّ هذا النص المهول والمدهش والذي عودنا عليه مبدعنا ابو النعمان فالدرر غاطسة في اعماقه وروحه وعندما تظهر سيجتاحنا الطوفان..
  4.                          
قراءة
الاديب Ahmad Alsheble- سوريا-

بالانتظار.....يقف الشاعر في معترك قلقه الانساني وقلقه الوجودي في صومعة الانتظار في حالة من السكون الخارجي والهدوء المستكين بكل الجلال الصوفي والاشراق البهي يعتمل بداخله بحر مائج وبركان يغلي هذا التضاد الجميل والخلاق الذي يجعل من الوجدان نارا وقادة لتستدرج البوح الدفين لولادة القصيدة ،تلك العصية البعيدة المتفلتة يتنظرها كما ينتظر حبيبة طال بعدها وليس من أمل للقاء هي ايقونة الوجدان ومحركة اللواعج باعثة الاشواق يبتهل قتنزل من معراجها الى حيز الوجود ويتم الظهور بعد أن كانت بين الغياب والحضور بين الوجود والشهود في حالة التجلي هذه تنسكب القصيدة عروسا راقصة فيأخذ السكر بالشاعر ويغلبه الوجد ليعلو صوته بالغناء .بكل هذه الشفافية والجمال يطالعنا الشاعر الدنف والرقيق والأديب السامي الاستاذ العراقي الموسوي بنص اشراقي ووجداني عن تجولات وولادة القصيدة .سلم قلمك صديقي وأخي الفاضل ...
                                5.
قراءة الشاعرة  فينيق علياعيسى
                       -سوريا-
،،،
المناجاة ..
اعلى درجات التواصل في مدارات عشق الارواح
هنا أيها الأديب الكبير
والشاعر صاحب صراط البوح الاصيل...
أستاذنا
آفاق نقديه
مددت جسر التواصل حبرا..
حبائله صور الذاكرة
وعمدانه زفرات صب،
ّ ما انثنى عن توقه الغيبي.
المقاطع تتهاطل مزونا بارقة التلميح ،
من غمام الرواية الخازنة لتفاصيل الخفقات اللحظوية الخالدة،
في ذهنية المحبرة الشاهدة،
على تماشج العلاقة الثنائية الابهار.
خطف للامام حيث امنية مرابضة على جبهات الانتظار.
وعودة للخلف حيث بصمات النبض المحموم، مؤرشفة في دفاتر الوقت الغارب.

استطاعت القدرات التصويرية بانزياحاتها المحبكة الرتق بعد كل فتق للقطات ..
أن تجعلنا بين عارف وصل للمعنى
المنشود
و بين غير متأكد من نسبة صحة التمحيص.

الأسلوب الممغنط للجذب و النبذ!
سحب بساط التأكيد الحتمي
من تحت أرجل قراءتنا
فسقطت مداميك الانشاء الهندسي للنص
على خارطة التردد .
لتجعلنا نعيد إعمار بنية الصور المتلاحقة،
بعزم المتلهف،
للكشف عن وجه القصيدة الحسناء .

هكذا يغدو التوصيف كرقعة شطرنج
مرة يهزمنا بمواربته المكينة السحر
ومرة نغلبه بخطوة استباقية ،
مهّد لها العنوان الكاشف الدقيق السمت.

هي بحق ايقونة جمالية ذات وجوه اسقاطية متعددة،
غزلية  و واقعية و منهجية ذات طابع نوراني سميّ القصد.

حماك المولى استاذنا ودمت ذخرا للشعر الساحر..
  6.
قراءة                     الاديب محمد الخضر-سوريا-
،،،
لا ظلمة لترف الروح
فوق الغمر ...
كلمة
من لازورد اشرقت شمس ...
منذ أخر الفتوح
وأول الصهيل
على باب القلب
صليب ينكأ جرح الماء ...
لا تبك يا دجلة مدَّت مائدة الله
بغداد على ثوب عفتها البيضاء ...
لا كؤوس على مذبح سرتها ...
لا نار في بياض زيتونها لتأخذ قبساً لقلبك ...
منذ هوت بابل ما عادت الكلمة رطبا جنيا ...
ارقص يا جسد الماء
فطيف الحبيبة غاب في حوت الفرات ...
آَقَلْبٌ ذاك المغني ...
أم هو قصب الهور يبكي ....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي