PNGHunt-com-2

الشاعرة هيام عوض وقراءة بقلم الأديب الأستاذ مهدي الشعراني

هيام عوض....
زغرودةٌ في عالم الأدب...
ياليل لاهرب من ساعة السحر... فالله في صبحه راءٍ وسمّاع/فاردم بقافيةٍ ماحيك من شجنٍ...منه الصباح له الالحان..صناع/الفجر آتٍ بلا همٍ ولانُوَبٍ...لليل حين وللإصباح أتباع/..
هذه هي هيام عوض المالكة لمجموعة من القِوى فتتخدر الكلمات بمعانيها،وكما قال مجيب السوسي:(أنا مع بورجوازيي الكلمة،ولاأستطيع أن أكون مع بورجوازيي المال)يسرقني النص المتشابك بأعشابه المثمرة،ويتغلغل في اعماقي كدواءٍ فعّال،فالمفردة المجنونة هي التي تجر الحواس المتقدة لتشكل حوله بساتين خضراء وبيادر من الارتعاش والجاذبية..
(لكي تلامس الحياة عليك أن تكون عاشقاً)هكذا قالت الروائية هدى فاضل..وهيام عوض توزع عشقها الى كل ماحولها بالوجود،لم تبق نمطية تفكير الذات الانثوية بل دعت لتكون الانثى فاعلة حرة قادرة على تعميق تجاربها بقوة وعي وجودها،تعمل بطاقةٍ بحجم الكون المنعكس من داخلها،تنفعل بالواقع وتصنع لنفسها عالماً خاصاً تتحرك به ومن خلاله وتحركه بإرادة الكلمة المتفجرة شظاياها على اجنحة الطيور المهاجرة مع كل اشكال الغيوم فتستحضر فلسفةً وافكاراً  بطريقتها الفريدة..
هيام عوض تجيد اللعب بكل المراكز بميدان الشعر،المحكي والنثر والمقفّى وتمسك بناصية الادب وتقوده بالاتجاه التي تريد..بقولها:
حلّق بحرفك فوق الغيم مفتخراً...لايسقط النسر من ريبٍ ومن سقم...
تقف على ارض صلبة،تتحدى وتعطي اشكالاً للصبر والتماسك وصور للمستقبل بثقةٍ عمياء..تضحك وتبكي وتنفعل وتغني وترسم وتصرخ بقوةٍ ثم تعلن تباشير الضياء بقهقهة حروفها، مُسيّجةٌ اسوار الوطن والحياة بالامل على الرغم من هشاشة المشهد وتخرج كصخرةٍ يتكسر عليها موازين الانحدار الى صعود وتتعالى رايات السلام مهما تكالب الغربان..
ياسادتي..مع أن القراءة غدت هيكلاً عظمياً في بلادنا،جسدا بلا قوة،تقتات على فتات القليل من القرّاء رغم توفر ثروة ثقافية تاريخية غنية عندنا تفخر بها كل المثقفين بالعالم وبمقدمتهم الروائي البرازيلي باولو كويلو الذي تحدث بانبهار عنها..مع ذلك أرى أملاً باسقاً من خلال ثلةٍ من الادباء والمثقفين أعرفهم ومنهم هذه الآلة البشرية الفنية هيام عوض حيث تمثل المثقف الذي يعمل دون النظر للشهرة والظهور،فتتقمص دون قصد مهمة الثقافة العاكسة لآمال وآلام الشارع والاسرة والوطن بعمق وواقعية وتمتطي صهوة الادب والفن بالشعر و الرسم والغناء الشجي،أما القصة القصيرة والمقالة والخاطرة التي تعيش معها بمنولوج داخلي يرقى لحوار مسرحي على طريقة الميلودراما..
هيام عوض تكتب وتكتب دون اهتمام بتجميل الوجبة الادبية على حساب الفكرة ولاتأبه للمصطلحات الرنانة والترقيع اللفظي والشكل دون مضمون..
بريشتها تروي على لوحاتها حكايا الزمن والانسان والطبيعة..
تكتب وترسم حتى إذا انتهى مدادها ترسل صوتها الرخيم يصدح عبر المدى ليعود الصدى مبحوحاً خجلاً وأحيانا لايعود من شدة تأثرها بقضايا المجتمع البشري عموماً..
الأديبة عوض تمتلك على الكثير من المفاتيح للدروب التي تروي بها العطاش..
هيام عوض وخلافاً لِما يظن البعض ممن لم يعرفها فهي خلقت من طين ككل العالمين وبمظهرٍ انثويٍ رقيق وسحنة شقراء وإطلالة بهيّة ولكن بقلبٍ حديد ومواهب تنثرها على شطآن التميز رمالاً ذهبيةً ولاأرقى...
لكِ ياسيدتي اللطيفة كل التقدير والأمنيات الطيبة..
   بقلمي:مهدي الشعراني

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي